-A +A
عبد الباسط شاطرابي ـ الخرطوم

لا حديث للناس في جوبا، حاضرة جنوب السودان وكبرى مدنه، إلا عن استفتاء تقرير المصير وما تحمله لهم نتيجته مع قدوم العام الجديد 2011.

فلا تكاد تخطئ عيناك في شوارع جوبا وأحيائها الملصقات التي تدعم خيار الانفصال والذي ترمز إليه اليد الواحدة، وقلما تشاهد هنا أو هناك ملصقا يحمل أيضا خيار الوحدة الذي ترمز إليه يدان متعانقتان.

ولا تكاد تسمع أذناك حديثا إلا عن ترتيبات الانفصال بين مختلف أجناس وأعراق الجنوب الذي تقطنه قرابة الـ500 قبيلة، أشهرها الدينكا والنوير والشلك. ومن بين هذه الترتيبات، العاصمة والعلم والنشيد الوطني والحكومة الانتقالية والجيش القومي وما إلى ذلك من المقومات التي لا بد أن تتوافر لأية دولة وليدة.

وفي وسط جوبا، وتحديدا في المنطقة التي تعرف بالمديرية، ثبتت إحدى الشركات الأجنبية التي تمتلئ بها جوبا، نصبا تذكاريا كبيرا يشير إلى ما تبقى من أيام بل وساعات ودقائق على موعد إجراء الاستفتاء.

يقول ستيفن (وهو سائق سيارة أجرة خاصة) إنه يحلم أن يحمل العام الجديد إلى منطقته الاستقرار والأمن المفقودين في ظل عقود طويلة من الحرب الأهلية. يشير ستيفن إلى أن مطالبه بسيطة، وظيفة دائمة وعمل مستقر يستطيع من خلاله أن يعول أسرته الصغيرة.

وبالنسبة لستيفن وكثيرين غيره من السودانيين الجنوبيين يأتي الاستفتاء في التاسع من يناير (كانون الثاني) تحقيقا لحلم دام نصف قرن بالانفصال، لكنه في الوقت نفسه يثير احتمالات الانزلاق إلى الحرب.

لم تختلف أمنيات ستيفن كثيرا عن أليكس الذي يعمل في إحدى المصالح الحكومية، يقول أليكس إنه يأمل في أن يمر الاستفتاء على مصير الجنوب بسلام ودون أي توترات.

اللافت في جوبا أن مظاهر الاحتفال بالعام الجديد يغلفها طابع غربي، فتجد الناس تتخلى عن ثيابها التقليدية وتميل إلى ارتداء الملابس الغربية. ولا يختلف المأكل والمشرب كثيرا عن مثيله في الدول الغربية.

ورغم أن جوبا تغرق في الظلام الدامس ليلا بسبب الانقطاع المتكرر في الكهرباء، إلا أن كثيرا من الأماكن ومن بينها الفنادق والمطاعم التي تزخر بها المدينة تعمل بمولدات الكهرباء.

وقد تصبح جوبا عاصمة الدولة المنتظرة، إن جاءت نتيجة الاستفتاء بما تشير إليه التوقعات من احتمال انفصال جنوب السودان عن شماله. فجوبا أفضل حالا وأوفر حظا عن غيرها رغم الافتقار إلى الخدمات والبنية التحتية.

واللافت في جوبا عن غيرها من مدن الجنوب أن أسعار السلع قد ارتفعت في الفترة الأخيرة بنحو الـ40 في المائة، ويعزو البعض هذا الارتفاع إلى ما يطلقون عليه موسم الاستفتاء، إذ بدأ في التوافد إلى جوبا الجنوبيون الذين يعيشون في الشمال وعدد من الدول المجاورة، فضلا عن بعثات المراقبة الدولية والإقليمية والمنظمات الدولية العاملة في مهمات التدريب والشؤون الإنسانية.